الأحد، 2 مارس 2014

همسة الظهيرة

روى العذرى وغيره عن أبى بكر، رضى الله عنه أنه قال: لقيت شيخاً باليمن، فقال لى: أنت حرمى؟
فقلت: نعم.
فقال: أحسبك قريشياً.
قلت: نعم.
قال: بقيت لى فيك واحدة اكشف لى عن بطنك، قلت لا أفعل أو تخبرنى لم ذلك؟
قال: أجد فى العلم الصحيح أن نبيًّا يبعث فى الحرمين، يقارنه على أمره فتى وكهل، أما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف، على بطنه شامة، وعلى فخذه اليسرى علامة، وما عليك أن ترينى ما سألتك عنه، فقد تكاملت فيك الصفة إلا ما خفى على.
قال أبو بكر: فكشفت له عن بطنى فرأى شامة سوداء فوق سرتى.
فقال أنت هو ورب الكعبة، إنى متقدم إليك فى أمر.
قلت: ما هو؟
قال: إياك والميل عن الهدى، وعليك بالتمسك بالطريقة الوسطى، وخف الله فيما خولك وأعطى.
قال أبو بكر: فلما وادعته قال أتحمل عنى إلى ذلك النبى أبياتاً؟
قلت: نعم
فأنشد الشيخ يقول:
ألم تر أنى قد سئمت معاشرى  
ونفسى قد أصبحت فى الحى عاهنا
حييت وفى الأيام للمرء عبرة  
ثلاث مئين بعد تسعين آمنا
وقد خمدت منى شرارة قوتى  
وألفيت شيخاً لا أطيق الشواحنا
وأنت ورب البيت تأتى محمداً  
لعامك هذاقد أقام البراهنا
فحيى رسول الله عنى فإننى  
على دينه أحيا وإن كنت قاطنا

قال أبو بكر: فحفظت شعره وقدمت مكة، " وقد بعث النبى، صلى الله عيه وسلم: فجانى صناديد قريش
فقالوا: يا أبا بكر يتيم أبى طالب يزعم أنهُ نبى.
قال: فجئت إلى منزل النبى، صلى الله عليه وسلم، فقرعت عليه فخرج إلى، فقلت: يا محمد تركت دين آبائك؟
فقال: يا أبا بكر إنى رسول الله إليك وإلى الناس كلهم، فآمن بالله.
قلت: وما دليلك؟
قال: الشيخ الراهب الذى لقيته باليمن. قلت: وكم من شيخ لقيته؟
قال: ليس ذلك أريد إنما أريد الشيخ الذى أفادك الأبيات.
قلت: ومن أخبرك بها؟
قال: الروح الأمين الذى كان يأتى الأنبياء قبلى.
قلت: مد يمينك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
قال أبو بكر: فانصرفت وما فى الأرض أشد منه، صلى الله عليه وسلم، فرحاً بإسلامى، بل قال وما بين لابتيها، يعنى ما بين أرضى مكة ذواتى حجارة سوداء ".